الأربعاء، 26 يونيو 2013

ألم وأمل

كان يوم أحد فحسب، حيت شاءت الاقدار ان اعيد دورة ألم وأمل كمساعدة مني لاصدقائي على النجاح في النظام التدريبي السكورفيز، لم اكن أدري ما كان رب العلى يهيئني لاستقباله.
استمتعت بشرح عميق لسورة يوسف، بكل الامه وكيف تشبت بالامل في عز محنه المتتالية تلك، وكيف نال في الاخير حلما لم يكن ليحلم به احد، بل وناله في مصر وهو القادم من فلسطين.
كنت اؤمن ان اعظم من الموت هو طعن الاحبة، فما بالك بالاخوة، ويوسف عانى من غدر الاخوة، وفي عز سقوطه في غياهب بئر جاف تملئه العقارب في اخر الدنيا، وهو ابن النبي تشبت بالامل وتذكر رؤياه، وادرك ان الله فحسب القادر على اخراجه من محنة كهاته، لتتوه قافلة عن الطريق العام وتصادف البئر لتنقده.
كيف كانت فرحة يوسف، وكيف كان امله بالله هو منقده من لا منقد له، لكن سرعان ما يتلاشى داك الامل، ليقرر اصحاب القافلة بيعه وبثمن زهد، ادرك حينها يوسف كم هو الفساد متغلغل في مجتمعه، لكنه لم ييأس ولم يفقد أمله في الله برهة، ليباع لعزيز مصر فيربيه كأبن، ليتعلم الحساب، ووو.
ويشاء ربنا، ان يبتليه بحب امرأة العزيز له، وينتشر الخبر، ويظلم يوسف ويجز في السجن كنهاية لفضيحة خاف منها عزيز مصر على منصبه، ويلبت في السجن سنين ظلما، ويلوح له في الافق بصيص امل للخروج منه، فيخطط لذلك، ويطلب من ساق الملك الذي خرج من السجن ان يذكره عنده، لكن تبوء محاولة تخطيطه تلك بالفشل فينسى الساقي، ويمكث في السجن سنين اخرى، الى ان يحين فرج الله.
 يعجز كل مفسري الاحلام عن تفسير حلم الملك، فيتذكر الساقي، لكن يوسف وهو التواق لخروجه من السجن يأبى الا ان تظهر براءته، ويكون له ما اراد، ويهبه الله فرصة للانتقام من ذاك المجتمع الذي سجنه ظلما، واستعبده ظلما، وغدره ظلما، وهو الطفل الصالح ابن ابيه النبي، لكنه لم يمتلأ انتقاما ولا كرها، بل ارتقى بفكره للاصلاح ووضع امام عاتقيه تغيير هذا المجتمع.

وبالفعل تحقق له ما اراد، ووكل عزيزا على مصر بل على خزائن الدنيا، ووضع خطة طويلة المدى لاقتصاد البلاد، وصارت مصر بلد التجارات والخيرات، بل وعوض ان ينتقم من اخوته، اراد لهم الاصلاح، وبرهن لهم انه يستحق ان يكون النبي ابن النبي، ليقتنعو بذلك، وتتحقق رؤياه.

 ان من يتدبر في سورة يوسف يرى منها معاني لا تنتهي، وأملا يشع في عز الألم، بل انه يرى كم مصائبه ومحنه لا تعادل محنة واحدة من محن سيدنا يوسف، ويدرك في قرارة نفسه، ان الله لا يريد لنا الضرر، بل فحسب يهيئ لنا الخير الاعظم، ويقوينا بمحنه ليهبنا السعادة دنيا واخرة بعدها.

وان من يقرأ السيرة يعرف ان حبيبنا محمدا، في عز فقدانه لسنديه عمه وزوجته، في عام الحزن، كان يقرأ سورة يوسف فمتلأ املا، ويزيل عنه همه، كيف لا وفقدان احب واشرس الناس في الدفاع عنه ليس بالامر الهين، لكنه حبيب الله المصطفى، أراد الله له ان يفتح الدنيا كلها بنور الاسلام بعد ذلك، ووهبه بعد هذا الفقدان، ملايين الناس تدافع عنه ليومنا هذا وتحبه وتقتدي به.

اننا حين نحزن لفقدان عزيز نلجأ لمن اخد تلك الروح فنشتكي له ألمنا وحزننا على ذلك، وهو وحده فحسب القادر على الاخد والعطاء يعوضنا خيرا ويضع في قلبنا قوة في عز الضعف، واملا في عز الألم، فنعم بالله.

في ذكرى فقدان مصطفى احمد الراسي، دعواتكم له، ادخله الله فسيح جناته، وصبر اهله، والهم خطيبته الصبر والسلوان.

.06.2013 24




0 commentaires:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More