الأربعاء، 5 أبريل 2017

لا أريد أن أكون مثل حسن

أكتب اليوم عن حسن .. ولو أنه لم يكن بطل "ثلاثية غرناطة" .. أكتب عنه .. لأنه يحدث في أحايين معينة أن ترافقك شخصية ما .. فتجد نفسك بعد كل هاته السنوات من قراءتك للرواية تفكر فيها فحسب .. شخصية حسن رافقت ذاكرتي لعامين ويزيد .. أستطيع أن أراها في أناس كثر حولي .. وأستطيع أخيرا أن أتفهم وجهات نظرهم للحياة ..
لقد اختلفت وحسن في مواقف كثيرة جدا .. رفضت طريقة عيشه .. قراراته .. ووجهة نظره .. لكني استطعت حقا أن أتفهمها ..

حسن حفيد أبو جعفر الذي مات حسرة على الكتب التي أحرقها الاحتلال .. أخ لسليمة المولعة بالكتب والصيدلة التي لاقت نفس مصير كتب جدها ..زوج مريمة ابنة المنشد الذي اعتقل لمدحه بطولات النبي .. أب لهشام الذي التحق بالمقاومة باكرا جدا .. وجد لعلي اخر شخص لم يغادر غرناطة.

حسن اختار أن يكون شخصا عاديا جدا .. اختار أن يحمي أسرته حتى آخر لحظة .. ولو على حساب التبرئ من هؤلاء جميعا من قاوموا الاحتلال .. ولو على حساب علاقته بابنه هشام الذي التحق بالمقاومة ..
تنصر شكليا وصلى سرا .. رفض أن يستقبل أسرة زوجته في بيته لسوابقهم في الاعتقال .. تشبت بالحياة السلمية .. وخضع صوريا لكل ما طلب منه ليبقى في غرناطة .. عاش طويلا ومات.
لكنه قبل موته .. كشف عن حسن .. حسن الاخر .. حسن الذي اختار الطريق الأصعب .. والعيش المزدوج .. حسن الذي تحمل مسؤولية أهله صغيرا بعد موت والده تم جده .. حسن الذي شهد موتهم جميعا .. من سرقهم الاحتلال او المقاومة او من هجروا بلا عودة ..حسن الذي رغم كل هذا الحذر لم يستطع أن  يتخلص من الكتب التي ورثها عن جده .. علم حفيده العربية سرا .. وورثه قبل موته مفتاح مخبأ الكتب .. ومات مفتقدا بناته.

حياة عادية جدا .. مقارنة بكل هاته الشخصيات التي اتخدت كل واحدة منهم منهج حياة مختلف .. هكذا هي رضوى .. تكتب عن القضية وتجسد الوجهات المختلفة كلها بشخصيات روايتها لأناس عاديين جدا.. لكنها تتغلغل داخلك .. لتجعل منهم حكاية وعبرة لا تنسى.

بكيت موت حسن ومريمة .. هؤلاء من صمدوا رغم العاصفة ورغم التهجير .. هؤلاء من تشبتوا بغرناطة حتى ماتوا فيها .. هؤلاء من ورثوا تاريخهم لطفل ما .. طفل لم يغادر الأندلس قط ..


لكن جملة واحدة خلفتها الرواية ..علقت في ذاكرتي وتردد صداها لفترة طويلة .. '' لا أريد أن أكون مثل حسن". 


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More